أول من جهر بالقرآن في مكة
من أول من جهر بالقرآن ؟… كانت الدعوة إلى الإسلام في بدايتها سرًا ولا يجرؤ أحد على قراءة القرآن جهرًا أمام كفار قريش خوفًا من أذيتهم وإصابة الدعوة الإسلامية بالتصدع وهي في بدايتها؛ فكان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يجهر بقراءة القرآن في مكة ولم يكن يخشى أذى قريش، أما الصحابة فكانوا يتجنبون مواجهة قريش في ذلك الوقت إلى أن جاء الصحابي الجليل “عبدالله بن مسعود” وقرأ القرآن جهرًا وكان هو أول من جهر بالقراَن في مكة
قصة الجهر بالقرآن
كان مشركو قريش يحاربون الدين الجديد ويلحقون الأذى والتعذيب بكل مسلم يعلمون به من غير سماعهم لآيات القرآن الكريم.
لذلك اجتمع المسلمون مع رسول الله ذات يوم وقالوا: والله ما سَمِعت قريش هذا القرآن يُجْهَرُ لَهَا به قط، فمن رجلٌ يُسْمِعُهم؟
فقال عبدالله بن مسعود: أنا أُسمعهم، فقالوا: إنا نخشى عليك من أذيتهم، إنما نريد رجلًا له عشيرة تحميه من أذيتهم ويصدونهم.
فقال عبدالله: دعوني، إن الله معي سيحميني ويمنعهم عني.
وفي الضحى من اليوم التالي، كان مشركو قريش عند الكعبة؛ فجاء عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- حتّى وصل المقام، وبدأ يرفع صوته ويقرأ سورة الرحمن واسترسل بها؛ فبدأ أهل قريش يتساءلون فيما بينهم عمّا يقرؤه؛ فلمّا أدركوا أنّه يقرأ القرآن؛ أقبلوا عليه وبدأوا يضربونه، ولمّا انتهوا رجع عبد الله -رضي الله عنه- إلى أصحابه وقد بانت آثار الضرب على وجهه؛ فقالوا له: هذا ما خشينا أن يحصل؛ فأخبرهم أنّه على استعداد أن يعود في اليوم التالي ويفعل ما فعل، فقالوا له: لا؛ فقد أسمعتهم ما يكرهون سماعه فلننتظر أمر الله تعالى.
فمن هو عبدالله بن مسعود؟
هو عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب الهذليّ، كنيته أبا عبد الرّحمن، ولقّبه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بابن أمّ عبد، وقد كان من خيرة الصّحابة الكرام وكان يشبه رسول الله في شكله وأخلاقه ودينه ومذهبه، ومن أكثر الناس تأثرًا بهديه عليه الصّلاة والسّلام، وقد كان سادس من أسلم من الصّحابة، وحفظ عن رسول الله القرآن الكثير من الأحاديث المباركة، وهاجر الهجرتين، وشهد المشاهد كلّها مع رسول الله، وله في حياته الكثير من المواقف مع رسول الله والصّحابة الكرام، وقد توفّي في المدينة المنوّرة في العام الثّلاث والثلاثين للهجرة ودُفن في البقيع.
مكانة عبدالله بن مسعود؟
ذكرت كتب السيرة أن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – كان يرعى أغنامًا لعقبة بن أبي معيط قبل إسلامه؛ فمرّ به الرسول -عليه السلام- ومعه أبي بكر -رضي الله عنه-؛ فطلب منه النبيّ -عليه السلام- أن يسقيه من اللبن؛ فأخبره أنّه ليس صاحب الغنم وإنّما مؤتمن عليها؛ فطلب منه رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- أن يحضر له واحدة من الأغنام قد جفّ ضرعها؛ فأتاه بواحدة، فمسح الرسول على ضرعها ودعا؛ فأتى اللبن وشرب الرسول -عليه السلام- وأبو بكر وعبد الله -رضي الله عنهما-، ثم أمر الضرع أن يجف فجفّ، فقال له عبد الله بن مسعود: علّمني من هذا القول؛ فقال له رسول الله: (إنك غلامٌ مُعلَّمٌ).
وهذا الموقف يدل دلالة واضحة على صفاء نفس ابن مسعود، فهو لم يكن مسلمًا وقتئذ، ومع ذلك كان صادقًا في إجابته، وكانت المعجزة النبوية بعدئذ سببًا في إسلام هذا الصحابي الجليل.
فضائله
عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – صحابي جليل، له فضائل عديدة ومناقب كثيرة منها:
شجاعًا في قول الحق
لا يخشى في الله لومة لائم
ويكفيه شرفًا أنه كان أول من جهر بالقرآن الكريم بمكة المكرمة بعد رسولنا الكريم
معروفًا بين الصحابة بفهمه وفقهه وورعه.
ولم يكن يسبقه بذلك أحد، فقالوا عنه:
“ما رأينا رجلاً كان أحسن خلقًا ولا أرفق تعليمًا، ولا أحسن مجالسة، ولا أشدّ ورعًا من عبد الله بن مسعود”.
ولم يحظَ أحد من الصحابة بما حظي به عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-
بكثرة دخوله إلى بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-؛
فقد أعطاه الإذن بالدخول عليه في أيّ وقت شاء، ومجالسته إياه.
حتّى أنه كان صاحب سرّ رسول الله، ولذلك لُقّب بصاحب السواد؛ أي صاحب السر. كان يستمع رسولنا – عليه الصلاة والسلام – لقراءته للقرآن حتى ذرفت عيناه
وقال عنه عندما ضحك الصحابة من نحافة ساقيه: “لهما في الميزان أثقل من أُحد”.
ما أعظم ديننا وما أجمل أخلاق الصحابة الذين غرسوا مع رسول الله البذرة الصالحة للإسلام ونقلوها لنا بكل أمانة
فهي رسالة عظيمة كلنا شركاء في توريثها ونقلها من جيل لآخر
لذلك عاهدنا الله وأنفسنا في شبكة اقرأ لمواصلة التعريف بعظمة ديننا وروعة صحابة رسول الله لنفتخر بهذه النماذج المشرقة
التي أنارت لنا الطريق حتى نسلكه من بعدهم؛ فالحمد لله على نعمة الإسلام .
0 Comments
Oops comments are disabled