ما هو الفقه؟ وما أقسام الفقه؟

قد تسمع كلمة الفقه فلا تعرف الفرق بينها وبين علوم الشريعة الأخرى، أو قد تظن أن الفقه هو الشريعة نفسها، لكن الحقيقة أن الفقه علم واسع ضمن علوم الإسلام.

وإذا ذكرنا علوم الإسلام من تفسير وحديث وغيرهم، فإننا لا نستطيع أن نكمل كلامنا دون ذكر الفقه، الذي يأخذ كل هذه النصوص والمواقف، ويضيف إليها اجتهاد العلماء، ليخرج في النهاية بحُكم أو فتوى، وهو في النهاية ما يسمى بالـ”فِقه“.

تعريف الفقه

الفِقه لغةً هو الفهم، أو دعنا نقول إنه مطلق الفهم، أي إنه أعلى درجات الفهم، فهم بالتفاصيل، وإلمام بما بين السطور، لذا حين دعا النبي لابن عمه، سيدنا عبدالله بن عباس، رضي الله عنه، قال: “اللهم فقهه في الدين”، ولم يقل “فهِّمه”، وبالفعل، كان ابن عباس مختصاً بالفتوى في عهدي عمر وعثمان، وكان من أفقَه الصحابة رضوان الله عليهم.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين”.

والفقه اصطلاحاً، هو مطلق الفهم لأحكام الشريعة، فالشريعة تقوم على أسس من النصوص الشرعية التي لا اعوجاج فيها أبداً ولا خطأ ولا زلل، أما الفقه فهو اجتهاد العلماء في الإفتاء بالأحكام بناءً على هذه النصوص الشرعية.

فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يُفتي لأصحابه، وقد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحياة مستمرة، وفيها من الأمور ما لا يُحصى مما يستوجب الفتوى والحُكم الشرعيّ، وعليهِ كانت الحاجة المُلحّة إلى علم الفقه، وفي تعريفه خلُص الفقهاء إلى القول بأنه “استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها“، وقال فيه الشافعي إنه “العلم بالأحكام الشرعية المكتسبة من أدلتها التفصيلية“، وأخذ به علماء الفقه من بعده.

علماء الفقه

يعرف الناس المذاهب الأربعة المشهورة في الفقه، لأسيادنا أبي حنيفة والشافعي ومالك وابن حنبل، لكن كان لكل عصر وزمان ومكان فقيهه كذلك، وقد يجتمع في المكان الواحد الواحد أكثر من فقيهٍ متقن ومخلص.

وكان من فقهاء الصحابة الخلفاء الراشدون، أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وكذلك إخوانهم عبدالله بن مسعود وأبو موسى الأشعري وأبيّ بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو الدرداء وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، والعبادلة الأربعة عبدالله بن عباس وعبدالله بن الزبير بن العوام وعبدالله من عمر بن الخطاب وعبدالله بن عمرو بن العاص، وخلفهم الكثير والكثير من الصحابة والتابعين وتابعيهم، وتابعيهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

ومن الفقهاء الذين لمعوا نجوماً في فضاء الإسلام، سيدنا الحسن البصري، والليث بن سعد، والإمام الشعبي.

أقسامالفقه

ينقسم الفقه بدوره إلى قسمين رئيسيين؛ فقه العباداتوفقه المعاملات.

فقه العبادات ما اختص بما يقوم به الإنسان من عبادات مثل الصلاة والزكاة والصيام والحج وغيرها، وفقه المعاملات الذي يشرف على معاملات المسلم في حياته اليومية، في البيت مع الأسرة وفي الشارع وفي السوق وفي معاملاته التجارية والإنسانية وغيرها، وحتى في معاملاته مع غير المسلمين.

الفقه اليوم

مع تطور الزمان يبدو المسلم غريباً وسط ما يجده كل يومٍ من مستجدات في حياته اليومية، في عباداته وفي معاملاته، في قلبه ونفسه، وفي غيره ومحيطه، ولذا يتوقف أكثر من مرةٍ كل يوم، ويسأل عن الحكم فيما يفعل، أو يريد فتوى قبل أن يفعل، أو فتوى بعدما فعل، ولذا، يريد أن يتفقه في الدين، ليحوز خيري الدنيا والآخرة.

وكذلك عملاً بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين، وعليهِ، فإننا مع فقهائنا، الذين تلقوا علم الفقه على أيدي كبار العلماء، في الأزهر الشريف وفي غيره من منارات الإسلام. نرحب بكم، بوصية رسول الله.

ونفتح باباً للتفقه في الدين كما وصانا النبي، نتدارس فيه أحكام الشريعة الإسلامية، ونتفقّه في الدين، ونقف عند ما ورثناه من أحكامٍ شرعية من أول النبيّ، مروراً بصحابته، وبالعبادات والمعاملات على آراء المذاهب الأربعة، متفرقةً أو مجتمعةً، وعليها اجتماع الفقهاء من بعدهم، ووصولاً إلى الفقه في زماننا المعاصر، والقضايا اليومية التي توضع بين أيدي المفتين، الذين قدّموا لله أعمارهم، حتى يتعلموا، فيفتوا بما يرضي الله، فييسروا لعامة المسلمين حياتهم.