استيقظ لتتمكن من أداء سنة الفجر.

 

في صباح الاثنين.

 

كان الظلام لا يزال مُخيمًا بالخارج، حينما رن منبه هاتفك.

 

تصل إليه بأعين مُغمضة ثم تطفئه. تجذب الغطاء وتلفه عليك وتتحول إلى الجنب الآخر؛ محدثًا نفسك: خمسة دقائق فحسب.

 

فقط خمسة دقائق.

 

بعد ثلاثين دقيقة؛ تنسل لعينيك أشعة الشمس الساطعة منسابةً عبر النافذة. يا ربي! فاتتني صلاة الفجر ثانيةً.

وبرغم حسن نواياك؛ نمت عن صلاة الفجر، وقد كنتَ تأمل أن تسبقها بسنة الفجر.

 

لا بأس. حاول غدًا ثانيةً؛ لكنك تحتاج هذه المرة إلى خطة.. خطة أفضل بكثير.

 

يمكن أن يكون الاستيقاظ للفجر جهادًا.

 

في الصيف يزداد الأمر صعوبة بسبب تأخر صلاة العشاء وبكور صلاة الفجر.. فهذه الفترة القصيرة بين الصلاتين لا تمنح وقتًا كافيًا للنوم، مع الضغط الزائد عند محاولة النوم بمجرد انقضاء العشاء.

 

للأسف ليس هناك عصًا سحرية للاستيقاظ بسهولة.

 

إلا أنه بالالتزام ستصبح عادة. سيعمل عقلك وجسدك وروحك كوحدة واحدة، ولن تجاهد بنفس القدر.

 

ها هنا ستة طرق لمساعدتك على النهوض، وكذلك أداء سنة صلاة الفجر.

 

 

انأ بنفسك عن النفاق:

 

عن أبي هريرة قال:

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ أَثْقَلَ الصَّلاَةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلاَةُ الْعِشَاءِ وَصَلاَةُ الْفَجْرِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا). سنن ابن ماجه 797

 

فصلاتا الفجر والعشاء هما الصلاتان اللتان تميزانا عن المنافقين، حيث يشقّ على المنافقين الاستيقاظ للفجر.

 

ذكّر نفسك بهذا عند إيقافك لهذا المنبه. فإن كنا لا نريد أن نندرج تحت فئة المنافقين؛ سيساعدنا هذا على مقاومة النوم، وإن كنا متعبين. طريقة تفكيرنا ستنضبط على مقاومة أي شيء يشابه النفاق.

 

النية أثناء العمل:

 

وضع أهداف محددة يزيد معدل نجاحنا.

 

الهدف يبدأ بنية، يجب أن نَصدق العزيمة على الاستيقاظ للفجر؛ فلا نأمل بكل ارتياح ألا يرن المنبه.

 

هناك نوعان من الأمل. يمكننا أن نأمل في الاستيقاظ في الموعد بعد ضبط المنبه، وسؤال الله إعانتنا، والنوم مبكرًا. هذا الأمل أفضل بكثير من مجرد الأمل (التمني)دون عمل.

 

وإذا لم تنهِضنا نوايانا وجهودنا الطيبة، فسيغفر الله لنا فواتها برحمته، ويجازينا على نيتنا.

 

نحن مكلفون ببذل قصارى جهدنا؛ فلا بد أن نصدق النية عند القيام بذلك. أن ننوي فعل شيء ما يعني ضرورة اتباعِها بالعمل.

 

 

ادعُ

لا يقتصر الدعاء على وقت وقوعنا في ضائقة. يمكننا أن ندعو أيضا ليُنعم الله علينا بالقدرة على الاستيقاظ للفجر. الاستيقاظ للفجر ليس مجرد فعل. إنه هبة؛ فبمجرد قيامنا به يمتلئ يومنا بالبركات.

 

عن ابن عمر، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (اللَّهُمَّ بَارِكْ لأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا). سنن ابن ماجه 2238

 

ارفع يديك، وسلِ الله التوفيق بقلبك وروحك. وفي النهاية؛ منه وحده (الله) نُمنح القدرة، ونحقق النجاح.

 

روت عائشة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (ركعتا الفجر خيرٌ من الدنيا وما فيها). جامع الترمذي 416

 

امنح هاتفك وقتًا للنوم:

يصعب النوم مبكرًا حينما تبقينا هواتفنا متيقظين!

 

إن تصفح هاتفك قبل النوم أو في الفراش؛ يؤدي للسهر واضطراب النوم. تخيل ما يمكن أن تفعله ساعة نوم إضافية لدورة نومك. اضبط هاتفك على وقت للنوم، يكون قبل ساعة على الأقل من عزمك على النوم، ولا تتفقده حتى الصباح.

 

فبدون إلهاء الهاتف؛ سيتسنى لك منح ذهنك الفرصة لتخفيف الضغط، والحصول على نوم كافٍ قبل منبه صلاة الفجر.

 

إن الحصول على ساعات قليلة متصلة من النوم قبل الفجر يزيد بشكل كبير من فرص استيقاظك لصلاة الفجر.

 

لذا اسدِ لنفسك معروفًا، واجعل هاتفك ينام!

 

 

 

منبهات عديدة

يوجد أسلوب يمكن استخدامه للاستيقاظ لصلاة الفجر؛ ولا سيما سنة صلاة الفجر هو ضبط منبهيْن على هاتفك (أو المنبه).

 

إن لم يوقظك أحدهم؛ فحاول وحاول مرارًا!

 

اضبط أحد المنبهات على أول وقت لصلاة الفجر، واضبط المنبه الآخر على وقت استيقاظك المعتاد.

 

يحاول الشيطان منعنا من الاستيقاظ بقوله: “إن الليل طويـــل”. نضغط على زر “غفوة”، وقبل أن ننتبه لذلك، تكون الشمس قد أشرقت بالفعل، لذا إن منبهين يساعدان في ذلك.

 

وهكذا؛ إن ضغطت على زر الغفوة أو سحبت “تجاهل” سيباغتك المنبه الثاني مرة أخرى.

فحقيقة أن نومك اضطرب سابقًا قبل ثلاثين دقيقة؛ يُسهّل الاستيقاظ لأنك لم تصل إلى حالة نومٍ عميقة.

 

أحيانًا نوقف المنبه دون أن نعيَ لذلك؛ لذا فإن هذا الإنذار الثاني يمنحنا فرصة أخرى.

 

عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ بِاللَّيْلِ بِحَبْلٍ فِيهِ ثَلاَثُ عُقَدٍ. فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِذَا قَامَ فَتَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّهَا؛ فَيُصْبِحُ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ قَدْ أَصَابَ خَيْرًا، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَصْبَحَ كَسِلاً خَبِيثَ النَّفْسِ لَمْ يُصِبْ خَيْرًا).

صحيح البخاري 1091

 

 

دعم بعضنا البعض

 

أشرِك جميع أفراد الأسرة!

 

نحن أكثر نجاحًا معًا.

 

هناك طريقة أخرى فعالة لضمان استيقاظك لصلاة الفجر، وهي ضبط منبهات جميع من في المنزل على أوقات مختلفة. وبهذه الطريقة، إن فوّت أحد الأشخاص منبهه قد يسمعه آخر.

ومن ثم يمكن لأي شخص يستيقظ إيقاظ الجميع.

 

إن كنت تعيش بمفردك؛ ضع في اعتبارك وجود رفقة. إحدى الأخوات أخبرتنا كيف توقظ زوجها عندما يكون بالخارج وتقول

: “أستيقظ مبكرًا عن زوجي. وبما أن نومي أخف منه؛ فأنا أعرف وقت ضبط منبهه، وأتصل به بعده بخمس عشرة دقيقة. وهكذا؛ إن غلبه النوم سأتصل به لإيقاظه، وإن لم يجب، يقوم بإخباري أنه كان مستيقظًا”.

 

لا شك بأن كل شخص مسئول عن صلاته. لكن هذا يساعد في دعم بعضنا البعض؛ خاصة إذا كان الشخص يجاهد. اطلب من أحد أفراد الأسرة أو من صديق الاتصال بك.

 

يا لها من طريقة رائعة لمساعدة المؤمن على أداء تكليفه الذي يجاهد لأدائه.

 

سنة صلاة الفجر

 

الآن، وبعد أن أصبح لديك ست استراتيجيات للاستيقاظ؛ احصد المكافأة الإضافية وأدِ سنة صلاة الفجر.

 

إن أول ركعتين من صلاة الصبح أو سنة صلاة الفجر أمر ضروري لا بد أن نهدف إليه. هما ركعتان فقط؛ لكن غالبا ما يتم إغفال أهميتهما. كما هو متوقع؛ لن نتمكن من أداء سنة صلاة الفجر إذا سارعنا إلى صلاة الفريضة قبل شروق الشمس.

 

لذا؛ فإن الاستيقاظ قبل الصلاة بوقت كافٍ مهم؛ لأنه يوفر لنا الوقت لنصلي سنة صلاة الفجر.

 

إليك حديث يذكّرنا بمدى خصوصية سنة صلاة الفجر:

 

فعن عائشة: “لم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- على شيء من النوافل أشد تعاهدًا منه على ركعتي الفجر”

صحيح البخاري 1163

 

 

سنن صلاة الفجر

 

وهذه ثلاث سنن فعلها النبي -صلى الله عليه وسلم- في صلاة الفجر:

 

ركعتان خفيفتان بين الأذان والإقامة:

عن عائشة: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي ركعتين خفيفتين بين النداء والإقامة من صلاة الصبح.‏

سنن النسائي 1780

 

من 60- 100 آية في صلاة الفجر:

عن أبي برزة: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ في الفجر ما بين الستين إلى المائة.

سنن ابن ماجه 818

 

 

“قل هو الله أحد” في ركعتي الفجر:

عن أبي هريرة أن رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَرَأَ فِي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ: (قُلْ يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ) و (قل هُوَ الله أحد).

سنن النسائي 945

 

 

جربها!

حتى إن مجرد تنفيذ إحدى هذه الاستراتيجيات سيقربك من هدفك للاستيقاظ بانتظام؛ لأداء صلاة الفجر وسنتها في موعدها.

لتنمية فهم أعمق لفقه الصلاة ، اشترك في دروس الفقه الفردي.