ما هو متن الحديث، وما هو سند الحديث، وأنا أتحير بينهما ولا أعرف السند من المتن، وما أهميته؟

قبل الإجابة عن الأسئلة دعنا نقف لوهلةٍ عند أهمية الحديث الشريف نفسه. إذ يعتبر الحديث النبويّ الشريف المصدر الثاني للشريعة الإسلامية بعد القرآن الكريم، وقد يأتي مرادفًا معه في تبيين الأحكام، وقد يأتي مفصلًّا لما أُجمل منه، وقد يأتي مستقلاً بذاته، وهو أحد رُكنين أُمرنا باتباعهما، كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

من هذا المنطلق كان حريّاً بالمسلمين الاهتمام بـعلم الحديث، الذي شغل قروناً من البحث والتحري، وأزمنةً وأمكنةً، وقضى صحابة وتابعون فيه أعمارهم كاملةً، ليتبيّنوا قول الرسول صلى الله عليه وسلم، ويصنفوه حسب صحته، قوةً وضعفاً.

ونحن إن كنا نسمع الحديث النبوي الشريف مطمئنين لوروده عن النبي صلى الله عليه وسلم، فنعمل به، آخذين ما أمرنا به وتاركين ما نهانا عنه، فإن ذلك يرجع إلى أئمة الحديث الذين تصدقوا على الأمة بربيع أعمارهم.

وينقسم الحديث الشريف إلى سند الحديث، ومتن الحديث، على الترتيب. فـالسند يأتي أولاً ليحيلنا إلى المتن واثقين في صحته. وكما يتبين لنا من اللفظ، تستطيع أنت أن تخبرنا بمعنى السند لغةً، ستقول إنه أن تستند إلى شيء، وهذا صحيحٌ جداً، بل عين الصواب، إذ إن السند لغةً هو كل ما استندتَّ إليه، فظهرك يستند إلى الحائط، والبيت يستند إلى الأعمدة، وأخوك يستند إليك وهو جالس، أو يستند إليك في شتى أموره. ويأتي السند بمعنى الصعود، وقد يكون ما ارتفع من الأرض من جبالٍ ونحوه.

أما السند اصطلاحاً فهو في علم الحديث يعني الإخبار عن طريق المتن، ويعني ذلك أن نُسند قول الرسول صلى الله عليه وسلم، إلى مجموعةٍ من الرواة، لهم شروط معينة، وبكيفية معلومة، تجعلنا نأخذ القول عن النبي مباشرةً ولو بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، ولو بعد ألف وأربعمائة سنة، ولو بعد عشرين ألف سنة، فتبقى السنة الشريفة محفوظة، كما حفظ الله القرآن الكريم.

حدثنا الحميدي عبدالله بن الزبير قال حدثنا سفيان قال حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري قال أخبرني محمد بن إبراهيم التيمي أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي يقول سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : “نَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ”.

لذلك الحديث أهميته في الإسلام، وهو بذاته أصلٌ من أصول الدين، وهو داخلٌ تقريباً في كل بابٍ من أبواب الأحكام، لأن كل عملٍ مرتبطٌ بالنية أولاً، ولأن النية مقدَّمةٌ في شروط وأركان وواجبات العبادات والمعاملات، وكل ما جاء به الشرع الحنيف.

هذا الجزء الذي تحته خط، هو سند الحديث، أي الذي يتكون من رواةٍ للحديث، رجلاً عن رجل، حتى وصلنا إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي يأتي قوله متنًا للحديث.

ولكن يحدث كثيراً أن ترى أهل العلم يحذرون من العمل بحديث معين، أو تصديقه، وذلك لضعفه في السند أو ضعفه في المتن. وعليهِ فإن قوة الحديث تعتمد على العمودين معاً، السند والمتن.

وبالتالي، تنقسم صحة الحديث وقوته إلى درجات، ومراتب، بعضها متعلق بالسند وبعضها متعلق بالمتن، أو يتعلق بكليهما معاً، وفيه تفصيل كثير، ومهم، يمكنك أن تقف عنده وقوفاً يليق بمقامه، وأهمية ينبغي عليك كمسلم أولاً أن تدركها، ثم كطالب علم يريد أن يسبح في أعماق ذلك العلم الذي أفنى فيه أسيادنا من التابعين والأئمة أعمارهم، مقتفياً آثارهم، ومعلماً للناس من بعدهم، وذلك يتسنى لك بمنتهى البساطة، والوضوح، والمساعدة، والتعاون، من خلال أساتذتنا، المتخصصين في علم الحديث، والمتعلمين على يد أكفأ علماء الأمة المعاصرين، والراحلين، رحمهم الله، في علم الحديث، من خلال التسجيل معنا في برنامجنا في ذلك الجانب، في منصة اقرأ.

ويُخْبِرنا أبوسعيدٍ الخُدريُّ، عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه قال: “سيَأتيكم أقوامٌ يطلُبونَ العلْمِ، فإذا رأَيْتُموهم، فقولوا لهم: مَرْحبًا مَرْحبًا بوصيَّةِ رسولِ اللهِ صلَّىا للهُ عليه وسلَّمَ”.
وها نحن نقول لكم: مَرْحبًا مَرْحبًا بوصيَّةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ
“.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *