البلاغة(Al- Balaghah) “Rhetoric” / ، وما هي علوم البلاغة الأساسية الثلاثة المعروفة بأقسام البلاغة ؟

نرى الكثيرٌ من الناس قد ينفرون عندما يسمعون كلمة البلاغة، يتخيلونها معقدة، وأن يأتي الشخص بكلماتٍ صعبةٍ لا يفهمونها،
لكن ذلك ليس من البلاغة في شيء، وإنما هذا نوع من التحذلق اللغوي ، والتباهي بالكلمات ، لأن البلاغة لم تكن يومًا تعسير
الفهم على الناس، فمعنى البلاغة في اللغة (( Rhetoric in Language: هي اسم مشتق من الفعل الثلاثي لغَ  فبلغ
الشيء : وصل منتهاه ومرادَه ، ومراد المتكلم أن يفهمه المستمع .

البَلاغَةُ اصطلاحا ( ( Rhetoric idiomatically: هي مطابقة الكلام لمقتضى الحال، أو سَوق الكلام بحسب المقام، لدى
السامعين، مع فصاحته، ويمكن أن يكون بأحسن الصور والألفاظ والمعاني، المهم أن يفهمه المستمع، ويشعر فيه بجمالٍ يتخلل
حروفه، فيكون المستمع فاهمًا، ويكون المتكلم حسن البيان بليغ اللسان.
وعلم البلاغة هو عبارة عن فرع من فروع اللغة العربية، فلا بد أن يكون لكل متحدثٍ بالعربية منه نصيب. وهو ينقسم بدوره
إلى ثلاثة أقسام.

أقسام علم البلاغة:

ينقسم علم البلاغة إلى ثلاثة أقسام : (علم المعاني/Meanings) ، و (علم البيان/ Eloquence ) ، و (علم البديع /
Budaiya ) ، وستجد نفسك بينما تتحدث، بليغًا جدًّا، خصوصًا في لحظاتك الحلوة التي يروق فيها بالك فينضح لسانك بأجمل
المعاني التي تموج في قلبك، ولو ركزتَ في الكلام، ودرسته، لخرجت منه بواحدٍ من الفروع الكثيرة للأقسام الثلاثة.

(علم المعاني / Meanings ) : هو العلم الذي يهتم بدراسة النص كاملًا، بوصفه تعبيراً متصلاً عن موقفٍ واحد ،بحيث
تخرج النص بأفضل صورة ممكنة ، وهولا يقتصرُ على البحثِ فِي كُلِّ جُملَةٍ مُفرَدةٍ على حِدَة، ولكِنَّهُ يمد نطاق بحثِهِ إلى
علاقة كل جملة بالأخرى، وتنساب العبارات، ويتنقل النص بين سؤال هنا، وخبرٍ هناك، فيكون بذلك تامًّا في المعاني، وقد بلغ
غايته .
وأمثلة علم المعاني في البلاغة كثيرة مثل :التقديم والتأخير، والفصل والوصل، والخبر والإنشاء، والاستفهام، والحذف
والذكر، والتعريف والتنكير. ومن الأمثلة على الأساليب الإنشائية قول الله تعالى:
وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا

(WaiAAtasimoo bihabli Allahi jameeAAan wala tafarraqo)

“And hold fast, all together, by the rope which Allah (stretches out for you), and be not
divided among yourselves.”

ولتفهم كل علمٍ على حدة، وكل باب، وكل فصل، وكل قسم، وكل فرع، فإننا هنا من خلال منصة اقرأ ، نقدم لك دروس
البلاغة ضمن منهج كامل، ميسّر لطالب العلم ، وإذا كان قصد البلاغة أن يفهمك المستمع، فإن أقصى غايتنا هنا تحت مظلة
اقرأ ، أن يفهمنا المتعلم، وأن نكون بليغين معه، لنبلغ ما نريده وما يريده ، معًا، حتى إننا لنحلم بأن يصبح من نعلمه ذات يومٍ
معلمًا فيما تعلمه، هذا وقد أشرف على وضع مناهجنا، و يتولى أيضا الارشاد والتوجيه والاشراف على مجريات سير العملية التعليمية من أجل تحقيق الأهداف المنشودة لهذه المناهج ، نخبة من الأساتذة المتخصصين في علوم اللغة العربية، والذين
تخرجوا من أكبر كلياتها، في دار العلوم، واللغة العربية في جامعة الأزهر، ونظيراتهما من قلاع اللغة الجميلة، الحصينة.

ونستكمل علوم البلاغة في علمها الثاني، وهو(علم البيان / Eloquence ) : هو العلم الذي يبحث في إيراد المعنى الواحد
بأساليب متعددة وطرق مختلفة، فتقول مثلا: ( إن طلاب العلم كالنجوم، وأساتذتهم الأقمار، والعلم نفسه هو الشمس، مصدر
الضياء، والله هو النور الذي يمدنا بهذا جميعًا).

و يمكن حصر موضوعات علم البيان في التشبيه، بأنواعه بين تشبيهٍ مرسل ومؤكد ومفصل ومجمل وتمثيلي وضمنيّ، وفيه
كذلك المجاز، العقليّ واللغويّ، والاستعارة، المكنية والتصريحية، وفيه الكناية ،عن صفة وعن موصوف وعن نسبة، وما في
ذلك المجمل كله من تفصيلات، بليغة، وجميلة.

والعلم الثالث من علوم البلاغة هو علم البديع.

فإن كان علم المعاني يهتم بالنص كوحدة كلية ، وبمعانيه كلها، وبأساليب الكتابة بين الإنشاء والخبر، وغيرهما داخل ما يُكتب،
وعلم البيان يهدف إلى إيصال المعنى الواحد بطرق وفنون متعددة، ويتفنن في التعبير عن الفكرة نفسها بألف طريقة ، فإن
(علم البديع / Budaiya ) : يوصف بأنه العلم الذي يضع اللمسة النهائية التي توفق بين العلوم الثلاثة معًا، إذ يتولى تنسيق
الجمل، وترتيب العبارات، وحتى ترتيب الحروف داخل الكلمات، ويزين الألفاظ والمعاني بألوان المحسنات البديعية سواء من
ناحية الجمال المعنوي أو اللفظي ، فيكون البناء كله متماسكًا، متناسقًا، سهلًا في الوصول إلى أي تفصيلة منه دون بذل أي
مجهود.

فنجد المقابلة، والطباق، والتورية، ومن الأمثلة على الطباق ما جاء في كتاب الله تعالى:
و تَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ

“watahsabuhum ayqazan wahum ruquudun”
“ And you think they are awake while they are asleep ”

وهنا يوجد (طباق / the counterfeiting ) بين أيقاظ  (awakening) “ayqazan و رقود (asleep )
“ruquudun” ، ولو وقفت عند وتحسبهم أيقاظًا&، watahsabuhum ayqazan)) ( And you think they are awake ) ،
ربما تم لك المعنى، لكنه لم يكن ليثبت في عقلك بذلك الجمال، حين تكمل  وهم رقود  “wahum ruquudun”
.( they are asleep)

وما يتعلق باللفظ في علم البديع مذهل، سيبهرك الجناس بأنواعه، والسجع، والتقسيم، والتصريع، وغيرها من صور البديع
اللفظي ، مثل :

“فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَر”ْ

“Fa’ammā l-Yatīma Falā Taqhar* Wa ‘Ammā s-Sā’ila Falā Tanhar”
“So as for the orphan then (do) not oppress* And as for him who asks then (do) not
repel”
إلى هنا نكون قد حاولنا أن نجمل لكم تعريف البلاغة وعلومها الثلاثة، ولم يبقَ أمامكم، للغوص أكثر في أعماق بحر البلاغة
الجميل الواسع، إلا أن تذهبوا بضغطة واحدة على دوراتنا التعليمية من خلال منصة اقرأ، وسوف يستقبلكم نخبة من أستاذتنا
،الذين أبحروا في علوم اللغة العربية بشكل عام ، وعلم البلاغة بشكل خاص ، وحصلوا الكثير فيها ، لكي يصحبوكم إلى هذا
العلم الذي لا يمل منه صاحبه أبدًا.