ما معنى الإقلاب، وما هو الإقلاب في التجويد، ما هو حرف الإقلاب الوحيد؟

تسمع القرآن الكريم، وتطرب بصوت المقرئ، لكن يستوقفك نطقه في قول الله عز وجل: “وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ“، حيث تشعر به ينطق النون ميماً في “عليمٌ”، “عَلِيمٌ بِذَاتِ“. وسمعك صحيح، ووقوفك لمحاولة فهم الكلمة صحيح، أنت في حضرة حكم “الإقلاب” في التجويد يا صديقي.

فما هو الإقلاب؟

الإقلاب لغةً: هو تحويل الشيء، وتبديله، وتغييره عن وجهه، مثل أن تقلب الشيء عن وجهه فيكون على ظهره،وفي حديثنا هنا نتحدث عن قلب الحرف حرفًا آخر، أو قلب الحركة حرفًا.

الإقلاب اصطلاحًا: هو قلب حرف النون الساكنة ميمًا، في كلمة أو كلمتين، أي وسط الكلمة إذا جاء بعدها باء، أو نهايتها إذا كان أول حرف في الكلمة التالية باءً، أو قلب التنوين، وتحويله ميماً، (في النطق لا في الرسم)مع مراعاة الغنة والإخفاء، إذا جاء بعده حرف الباء، وهو يعرف بـحرف الإقلاب الوحيد.

إلى هنا يبدو الحديث عن الإقلاب في التجويد خلال قراءة القرآن الكريم كلامًا نظريًا قد يكون صعبًا بالنسبة لك، لكن تعالَ نطبق لتجده أسهل مما تعتقد.

لماذا نقلب النون الساكنة والتنوين عند الباء ميمًا لا حرفاً آخر؟

لأن الميم تشارك الباء في المخرج (جرّب نطق كل حرف منهما وراقب شفتيك).

ولأن الميم تشارك النون في الغنّة. (جرّب نطق الميم، ونطق الميم مع الغنّة)

اقرأ معي قول الله تعالى: “قَالَ يَٰٓـَٔادَمُ أَنۢبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ“.. اقرأ مجدداً كلمة “أَنۢبِئْهُم”، وتابع القراءة: “فَلَمَّآأَنۢبَأَهُم”.

ضع هذه القراءة في عقلك، ثم تعالَ اقرأ معي أيضًا: “أُولَٰئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا“.. اقرأ مجددًا: “مِنبَعْدُ”.

ثم اقرأ معي: “وَأَسِرُّواْ قَوْلَكُمْ أَوِٱجْهَرُواْ بِهِۦٓ ۖ إِنَّهُۥعَلِيمٌۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ“.. اقرأ مجددًا: “عَلِيمٌۢبِذَاتِ”.

واقرأ كذلك: “كَلَّا لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعًۢا بِٱلنَّاصِيَةِ“.. اقرأ تحديداً: “لَنَسْفَعًۢابِٱلنَّاصِيَةِ”.

ما المشترك في هذه المواضع من آيات كتاب الله الكريم؟

أجل، هو حكمالإقلاب يا صديقي، حيث جاءت الباء بعد النون الساكنة في كلمة واحدة بأول مثال، فأقلبنا النون ميماً مع مراعاة الغنّة، في زمّ الشفتين، وإخفاء النون، من دون مبالغة.

وجاءت في المثال التالي الباء بعد النون الساكنة، في كلمتين منفصلتين، وجاءت في الثالث الباء وقبلها التنوين، وفي الرابعة جاءت الباء بعد نون التوكيد الخفيفة، المعبّر عنها هنا رسمًا بالتنوين “لنسفعًا” (لنسفعَن).

ولماذا حكم الإقلاب؟ أو ما هو السبب أو وجه الإقلاب؟

تخيّل أن تنطق الأحرف الواردة بالأعلى كما هي، دون تغيير، محاولًا الإتيان بالغنة في النون والتنوين، مع الإظهار، ثم محاولة إطباق شفتيك في حرف الباء، وعُسر الإدغام أيضًا، فتعيّن التيسير بين هذه المخارج كلها، وتبيّن القول في الإخفاء، مع إقلاب النون الساكنة والخفيفة والتنوين ميما.

وعليهِ، فإنه مع قراءة هذا الحكم، بهذه الصورة، يتطلب منك الأمر أيضًا أن تراجع فيه شيخًا مجيدًا مُجازًا في علم التجويدلكتاب الله عز وجل، وتتلو عليه ليصحح لك، وإن كان هذا يخص حرفًا واحداً من حروف العربية، وأحكامها في تلاوة القرآن الكريم، فما بالك بتجويد كتاب الله كله وما فيه من فضل عظيم وعلم وافر؟

ويسعدنا أن نكون حلقة الوصل في منصة اقرأ بينك كمتعلم، وراغبٍ في تلاوة كتاب الله دون خطأ أو لحن، وبين شيوخنا وقرائنا وحفظتنا ومعلمينا المجيدين المجازين من كبار العلماء والمقرئين في الأزهر الشريف وغيره من منابر الإسلام، وقلاع العلوم الشرعية.