نصائح لتجهز قلبك وعقلك وروحك لاستقبال نفحات شهر رمضان..

لنفترض أننا سنكون أحياءً للاستمتاع بعطايا شهر رمضان..

فقبل كل شيء.. آجالنا مجهولة، ولذلك فإن كل رمضان هديةٌ لنا.

بإمكاننا الحصول على الأجر حتى لو لم نحيَ رمضانَ آخر.. كيف؟

يجازينا الله على نياتنا، حتى على نيات الاستعداد للشهر الكريم؛ فلنجدد إذًا نياتنا الآن أننا نرجو أن نبلغ رمضان وأن نجنيَ ثماره.

قال رسول الله ﷺ: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى».  [البخارى و مسلم]

الشيء الوحيد الذي بإمكاننا التحكم فيه هو نياتنا، وهذه نعمة كبيرة من الله، فبمجرد أن تنوي الخير؛ تَنَلِ الأجرَ.

عند استحضار الموت فالوقت ليس مبكرًا أبدًا لتستعدَّ، فالصحابة -رضوان الله عليهم- كانوا يتجهزون لاستقبال رمضان قبله بستة أشهر.

رُوي أن معلى بن الفضل -رضى الله عنه- قال: «كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبله منهم».

لا ينبغي أن يقتصر فهمنا لرمضان على: «يجب أن أتسوق فالعيد قريب» أو «أحتاج إلى إعداد طعام الإفطار»!

فعلى الرغم من أن هذه كلها أمور نهتم بها في حياتنا فإننا لا نعد الأيام على هذا الشهر الفاضل لأجلها.

فنأمل نموًّا روحانيًّا، وتمهيدًا لزيادة فرص قبول عباداتنا خلال الشهر العظيم وتصديق نياتنا بأفعالنا.

 

رمضان ليس صومًا فقط..

يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ. (Quran 2:183)

صوم رمضان من العبوديات المفروضة علينا، تكليفٌ أمرنا الله به في القرآن؛ فهو خير لنا؛ فرمضان شهر العبادة والتطهير الروحي، نكون فيه دائمًا في حالة عبادة لسنا مقتصرين على الصيام فقط.

رمضان ليس الإمساك عن الطعام فقط، وإنما إجبار أجسادنا وأرواحنا على طاعة الله، ويشمل هذا اجتناب الكلام المحرم والسماع المحرم، وأن نكف عن الأذى، وعن العلاقات الحميمية خلال ساعات الصيام.

الصيام -عمومًا- ينقي الروح، ولا سيما إذا كان في شهر رمضان.. يطهرنا من الخصال المذمومة والعادات السيئة التي تراكمت خلال العام، يحدث هذا التطهير على مستوى قلبي.

عندما نصوم تنكمش عروقنا، وهي السبيل الذي يستخدمه الشيطان لإضلالنا.

فقد روى أنس بن مالك أن رسول الله ﷺ قال: شيطان يج«إن الري من ابن آدم مجرى الدم». صحيح مسلم 2174

عندما نتناول وجبة كبيرة نشعر بالنعاس والتعب الشديد، أو كما تعرف بـ«غيبوبة الطعام»

فالإفراط في الأكل والشراب يجعلنا كسالى فلا ننشط حينئذ لعبادة الله كما ننشط وقت الصيام

من ثمرات شهر رمضان

لمَ نبدأ الاستعداد لرمضان من الآن؟

الطريقة الأمثل للانتفاع برمضان: هي التخطيط له مثلما نخطط لحدثٍ معين، حتى تسير الأمور بسهولة.. تعلُّم كيفية الاستعداد لرمضان يعني تجهيز عقولنا وقلوبنا.

يُعنى رمضان بتغيير وتحويل حياتنا فلا ينبغي لنا بعد رمضان أن نكون الشخص نفسه الذي كنا عليه قبل، لكن لا يمكن أن يحدث هذا التحول إن لم نأخذ الخطوات التي تمكننا من استقبال نفحات وعطايا رمضان، لن نكون قادرين على الامتناع عن جميع الشرور التي أُمرنا بالامتناع عنها، ولن نكون قادرين على إجبار أنفسنا على قراءة المزيد من القرآن، أو على منع أنفسنا من اقتراف الذنوب عن طريق تصفح هواتفنا.. من العسير أن نتوقف من دون تجهيز أنفسنا أولًا.

تمهيدًا لهذا الشهر نريد أن نقلل من احتمالية عدم قبول رمضان منا، فهو وقايتنا من النار، وليس هذا بثوابٍ نستخف به أو نتخلى عنه، فثواب الصيام ذروة الفلاح للمؤمن، وإن كنا صادقين حقًّا وجادين بشأن إنقاذ أنفسنا من النار فلن نجازف بأن تُرفض عبادتنا، ولكن سنبحث عن الفرص ونبذل فيها قصارى جهدنا لنحصل على ثواب رمضان.. وبالطبع سؤال الله الإخلاص هو نقطة انطلاقنا.

روى جابر أن رسول الله ﷺ قال: «إنما الصيام جنة، يستجن بها العبد من النار». مسند أحمد  15264

 

خمس نصائح للاستعداد لرمضان

راقب الله

أقلع عن العادات السيئة واكتسب عادات نافعة، وحاول أن تقلع العادات السيئة التي تؤذيك، وابدأ بعادة جيدة شق طريقك خلالها.

يمكن أن يكون تصفحك للهاتف قبل النوم الذي يجعلك تؤخر صلاة الفجر أو يجعلك ترى ما يؤثر على روحك.. احرص إذًا على ترك هاتفك خارج الغرفة واضبط منبّهًا.

هناك مسلسل تود مشاهدته على نتفليكس؟

ما رأيك أن تتخلى عنه وتبدأ مشاهدة سلسلة عن السنة أو عن حياة النبيﷺ؟

تعلم عن الإسلام

فهم ما يريد الله منا يجعل إيماننا أقوى..

معظمنا غير واعٍ بما يرضي الله وبما يغضبه، أخذُ خطوات لزيادة معرفتك سيحفزك أن تؤدي أعمالًا حسنة.

على سبيل المثال:

 

ابدأ بصيام التطوع

درب جسدك.. إذا كنت ستقضي ما عليك من صيام فاحرص على ذلك الآن، وإلا ففكر في صوم يوم الاثنين أو الخميس أو كليهما كما كان يفعل النبي ﷺ؛ ستصبح أكثر سيطرة على نفسك قبل أن يحل علينا شهر البركات.

أقبِل على مصحفك

باعتبارنا مركزًا مخصصًا للقرآن، نلاحظ أن المزيد من الطلاب يأتون إلينا خلال شهر رمضان، مما يجعلهم على لائحة انتظار الوقت المناسب أو المعلم الذي يفضلونه.

يرغب الكثير في تحسين تلاوتهم القرآن، ويرغب البعض في حفظ القرآن، ويقرر آخرون أنه الوقت المناسب لتعلم قراءة القرآن.. كل ذلك جميل، ولكن فكر في أن تبدأ الآن.

رمضان شهر القرآن، فاجعله الوقت الذي تزداد فيه عنايتك بالقرآن بشكل كبير.. وذلك بأن تبدأ قبل رمضان.

احرص على تعلم القرآن وإتقانه واجعل ذلك عادة ثابتةً في عاداتك اليومية.

أكثِر من الدعاء

عبادة الله كما يحب ويرضى هي محض نعمة من الله علينا؛ فسلِ الله أن يرزقك العون على عبادته، وأن تشهد شهر رمضان وتستفيد منه كله.

سل الله الهداية والمغفرة؛ فنحن لا نقدر أبدًا على شيء من هذا إلا برحمته، وبالدعاء سنحاول الاستعداد لشهر رمضان.

اسأل الله، واسأله واسأله..

إذًا، عندما يأتي رمضان ستؤوب إلى الله دون أن تفكر في الأمر مرتين، إن شاء الله.

 

يمكن أن يتضمن الاستعداد لرمضان كل الاقتراحات السابقة أو واحدًا منها، المقصد أن تحاول فعل شيء.. خذ خطوات لتجهز نفسك بحيث تصبح سعيدًا ومتحمسًا عندما يحلّ شهر رمضان حتى لا يفاجئك.

أنت على استعداد لاستقباله وتلقي نفحاته.

اللهم بلغنا رمضان، اللهم بلغنا رمضان!